آيات عن أنه لا علاقة بين بسط الرزق ورضى الربّ

فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه بالنعمة، وبسط له رزقه، وجعله في أطيب عيش، فيظن أن ذلك لكرامته عند ربه، فيقول: ربي أكرمن.

إن قارون كان من قوم موسى -عليه الصلاة والسلام- فتجاوز حدَّه في الكِبْر والتجبر عليهم، وآتينا قارون من كنوز الأموال شيئًا عظيمًا، حتى إنَّ مفاتحه لَيثقل حملها على العدد الكثير من الأقوياء، إذ قال له قومه: لا تبطر فرحًا بما أنت فيه من المال، إن الله لا يحب مِن خلقه البَطِرين الذين لا يشكرون لله تعالى ما أعطاهم.

فخسفنا بقارون وبداره الأرض، فما كان له من جند ينصرونه من دون الله، وما كان ممتنعًا من الله إذا أحلَّ به نقمته.

وقالوا: نحن أكثر منكم أموالا وأولادًا، والله لم يعطنا هذه النعم إلا لرضاه عنا، وما نحن بمعذَّبين في الدنيا ولا في الآخرة.

فإذا أصاب الإنسان شدة وضُرٌّ، طلب من ربه أن يُفرِّج عنه، فإذا كشفنا عنه ما أصابه وأعطيناه نعمة منا عاد بربه كافرًا، ولفضله منكرًا، وقال: إن الذي أوتيتُه إنما هو على علم من الله أني له أهل ومستحق، بل ذلك فتنة يبتلي الله بها عباده؛ لينظر مَن يشكره ممن يكفره، ولكن أكثرهم- لجهلهم وسوء ظنهم وقولهم- لا يعلمون؛ فلذلك يعدُّون الفتنة منحة.

وإذا أذقنا الناس منا نعمة مِن صحة وعافية ورخاء، فرحوا بذلك فرح بطرٍ وأَشَرٍ، لا فرح شكر، وإن يصبهم مرض وفقر وخوف وضيق بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، إذا هم يَيْئَسون من زوال ذلك، وهذا طبيعة أكثر الناس في الرخاء والشدة.