تفسير ابن كثير

يقول تعالى حقا ( إن كتاب الأبرار ) وهم بخلاف الفجار ( لفي عليين ) أي مصيرهم إلى عليين وهو بخلاف سجين

قال الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال : سأل ابن عباس كعبا وأنا حاضر عن سجين قال هي الأرض السابعة وفيها أرواح الكفار وسأله عن عليين فقال هي السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين وهكذا قال غير واحد إنها السماء السابعة

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ( كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ) يعني الجنة

وفي رواية العوفي عنه أعمالهم في السماء عند الله وكذا قال الضحاك

وقال قتادة عليون ساق العرش اليمنى وقال غيره عليون عند سدرة المنتهى

والظاهر أن عليين مأخوذ من العلو وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع

تفسير السعدي

لما ذكر أن كتاب الفجار في أسفل الأمكنة وأضيقها، ذكر أن كتاب الأبرار في أعلاها وأوسعها، وأفسحها

تفسير القرطبي

قوله تعالى : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين كلا بمعنى حقا ، والوقف على تكذبون . وقيل أي ليس الأمر كما يقولون ولا كما ظنوا بل كتابهم في سجين ، وكتاب المؤمنين في عليين . وقال مقاتل : كلا ، أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يصلونه . ثم استأنف فقال : إن كتاب الأبرار مرفوع في عليين على قدر مرتبتهم . قال ابن عباس : أي في الجنة . وعنه أيضا قال : أعمالهم في كتاب الله في السماء . وقال الضحاك ومجاهد وقتادة : يعني السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين . وروى ابن الأجلح عن الضحاك قال : هي سدرة المنتهى ، ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها ، فيقولون : رب عبدك فلان ، وهو أعلم به منهم ، فيأتيه كتاب من الله - عز وجل - مختوم بأمانه من العذاب . فذلك قوله تعالى : كلا إن كتاب الأبرار . وعن كعب الأحبار قال : إن روح المؤمن إذا قبضت صعد بها إلى السماء ، وفتحت لها أبواب السماء ، وتلقتها الملائكة بالبشرى ، ثم يخرجون معها حتى ينتهوا إلى العرش ، فيخرج لهم من تحت العرش رق فيرقم ويختم فيه النجاة من الحساب يوم القيامة ويشهده المقربون . وقال قتادة أيضا : في عليين هي فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى . وقال البراء بن عازب قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " عليون في السماء السابعة تحت العرش " .

وعن ابن عباس أيضا : هو لوح من زبرجدة خضراء معلق بالعرش ، أعمالهم مكتوبة فيه . وقال الفراء : عليون ارتفاع بعد ارتفاع . وقيل : عليون أعلى الأمكنة . وقيل : معناه علو في علو مضاعف ، كأنه لا غاية له ; ولذلك جمع بالواو والنون . وهو معنى قول الطبري . قال الفراء : هو اسم موضوع على صفة الجمع ، ولا واحد له من لفظه ; كقولك : عشرون وثلاثون ، والعرب إذا جمعت جمعا ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية ، قالوا في المذكر والمؤنث بالنون . وهي معنى قول الطبري .

وقال الزجاج : إعراب هذا الاسم كإعراب الجمع ، كما تقول : هذه قنسرون ، ورأيت قنسرين . وقال يونس النحوي واحدها : علي وعلية . وقال أبو الفتح : عليين : جمع علي ، وهو فعيل من العلو . وكان سبيله أن يقول علية كما قالوا للغرفة علية ; لأنها من العلو ، فلما حذف التاء من علية عوضوا منها الجمع بالواو والنون ، كما قالوا في أرضين . وقيل : إن عليين صفة للملائكة ، فإنهم الملأ الأعلى ; كما يقال : فلان في بني فلان ; أي هو في جملتهم وعندهم . والذي في الخبر من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أهل عليين لينظرون إلى الجنة من كذا ، فإذا أشرف رجل من أهل عليين أشرقت الجنة لضياء وجهه ، فيقولون : ما هذا النور ؟ فيقال أشرف رجل من أهل عليين الأبرار أهل الطاعة والصدق " . وفي خبر آخر : " إن أهل الجنة ليرون أهل عليين كما يرى الكوكب الدري في أفق السماء " يدل على أن عليين اسم الموضع المرتفع . وروى ناس عن ابن عباس في قوله عليين قال : أخبر أن أعمالهم وأرواحهم في السماء الرابعة .

تفسير الطبري

وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، مُعَجِّبه من عليين: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما عليون.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق