تفسير ابن كثير
ولهذا قال تعالى ههنا : ( فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار ) أي : فجازاهم على إيمانهم وتصديقهم واعترافهم بالحق ( جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ) أي : ساكنين فيها أبدا ، لا يحولون ولا يزولون ( وذلك جزاء المحسنين ) أي : في اتباعهم الحق وانقيادهم له حيث كان ، وأين كان ، ومع من كان .
تفسير السعدي
قال الله تعالى: { فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا } أي: بما تفوهوا به من الإيمان ونطقوا به من التصديق بالحق { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ } وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، كالنجاشي وغيره ممن آمن منهم. وكذلك لا يزال يوجد فيهم من يختار دين الإسلام، ويتبين له بطلان ما كانوا عليه، وهم أقرب من اليهود والمشركين إلى دين الإسلام.
تفسير القرطبي
قوله تعالى : فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين
قوله تعالى : فأثابهم الله بما قالوا جنات دليل على إخلاص إيمانهم وصدق مقالهم ; فأجاب الله سؤالهم وحقق طمعهم - وهكذا من خلص إيمانه وصدق يقينه يكون ثوابه الجنة .
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله : فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فجزاهم الله بقولهم: " رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ =
" جنات تجري من تحتها الأنهار "، يعني: بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار=" خالدين فيها "، يقول: دائمًا فيها مكثهم، لا يخرجون منها ولا يحوَّلون عنها=
" وذلك جزاء المحسنين "، يقول: وهذا الذي جَزَيتُ هؤلاء القائلين بما وصفتُ عنهم من قيلهم على ما قالوا، من الجنات التي هم فيها خالدون، جزاءُ كل محسنٍ في قِيله وفِعله.
* * *
و " إحسان المحسن " في ذلك، أن يوحِّد الله توحيدًا خالصًا محضًا لا شرك فيه، ويقرّ بأنبياء الله وما جاءت به من عند الله من الكتب، ويؤدِّي فرائضَه، ويجتنب معاصيه. (11) فذلك كمال إحسان المحسنين الذين قال الله تعالى ذكره: " جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ". (12)
-------------------
الهوامش :
(11) انظر تفسير"الإحسان" فيما سلف 8: 334 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(12) أخشى أن يكون صواب العبارة: "الذين قال الله تعالى ذكره أنه أثابهم بما قالوا جنات..." ، ولكني تركت ما في المخطوطة والمطبوعة على حاله.